السيّد خالد كرجيج : رئيس المجلس الشعبي البلدي للأبيار
“كل الانتماءات الحزبية تسقط أمام مصلحة المواطن”
- بدأ المجلس الشعبي البلدي لبلدية الأبيار بداية متعثّرة، بسبب انسداد عطّل تنصيبه لثلاثة أشهر تقريبا. هل أثرّ هذا التأخّر على انطاق عمل المجلس؟
دعني أذكرك بآخر شيء قلته لكم في الحوار الذي أجريته معي في العدد الأول من هذه المجلة، وأبدأ به جوابي لك عن هذا السؤال. إذا كنت تذكر قلت لكم ومن خلالكم للمواطن: «إنّه في اليوم الأول الذي تدخل البلدية عليك أن تنزع القبعة السياسية التي تنتمي إليها حزبيا، وتكفّ عن ذكر شيء إسمه حزب، وتحوّل انتماءك إلى حزب واحد وتلبس قبّعته و هو حزب مواطن بلدية الأبيار » .
هذه القناعة هي التي دفعتني إلى الترشّح، مرة ثانية، لانتخابات المجلس البلدي لبلدية الأبيار، وأعتقد يقينا أن هذه القناعة هي التي جعلت مواطني الأبيار يجددون الثقة في شخصي، وضمن قائمة حزب جبهة التحرير الوطني رغم ما تعرضت له صورة الحزب من اهتزازات طوال الفترة السابقة. من حسنات القانون الجديد في الانتخابات أنه ألغى رأس القائمة والترتيب، وأصبح المواطن ينتخب على مترشّح بعينه. لذلك أنا ممنون لمواطني الأبيار كلهم وأشكرهم على هذه الثّقة التي وضعوها في شخصي مرة ثانية.
بالنسبة إلى الانسداد، فعا عرفت بلدية الأبيار، بعد نتائج الاقتراع، كغيرها من البلديات الأخرى عبر الوطن، انسدادا، ولم تستطع تنصيب مجلسها البلدي، لكن المؤسف أن بلدية الأبيار قدّمت لانتخابات تجديد مجلسها البلدي قائمة واحدة هي قائمة حزب جبهة التحرير الوطني، وكان يفترض أن لا يكون هناك انسداد. هذا الانسداد كلّف البلدية تأخرا يقارب 3 أشهر، وكان يجب أن تتدخل الإدارة لحل النزاع، في وقت كان يفترض أن هيئة منتخبة تحلّ مشاكلها بنفسها. بطبيعة الحال هذا الانسداد أثر على المجلس البلدي في الشروع في عمله والالتفات إلى مشاكل المواطن وطلباته.
- أين كان يكمن سبب الانسداد؟ في طبيعة القانون الجديد للانتخابات أم سوء فهم القانون أم حساسيا ت حزبية؟
في الظاهر يبدو أن الأمر يتعلق بالقانون الجديد للانتخابات الذي يفرض أن ينتخب رئيس المجلس البلدي من بين الفائزين في القوائم الانتخابية المترشحة. في حالة بلدية الأبيار، لم تكن هناك إلا قائمة واحدة هي قائمة حزب جبهة التحرير الوطني. مبدئيا كان من المفروض أن لا يكون هناك إشكال. لكن العكس هو الذي حدث، في حزب واحد ولم نتفاهم، بسبب الحسابات الضيقة للبعض.
- الآن حسمت الأمور، ونصب المجلس البلدي. هل اختفت هذه الحساسيات؟
الأمور انفرجت بشكل عام، وأغلبية أعضاء المجلس يعملون في تناسق تام، والحمد لله. لكن للأسف، مازالت أقلية قليلة تحمل هذه الحسابات الضيقة وهذه الحساسيات، وتثير مشاكل داخل المجلس وخارجه. لا يمكن لكل أعضاء المجلس، وعددهم 19 منتخبا، أن يتولّوا كلهم مناصب داخل المجلس، هذا أمر طبيعي. لكن المنصب الأساسي للمنتخب هو خدمة المواطن. لا أفهم إلى حد الآن كيف يمكن لمنتخب أن يقف ضد مشروع في صالح البلدية وصالح المواطن الذي منحه ثقته. حتى خارج البلديّة، هذه العناصر القليلة مازالت تعمل على إشاعة الأقاويل والادّعاءات ضربا لسمعة المجلس البلدي وعلى رأسه رئيس البلدية. وحتى وإن كان لن يؤثر على العمل من أجل الصالح العام للبلدية، إلا أنّه يعطي صورة غير لائقة على المجلس البلدي هو في غنى عنها.
- انطلقت مؤخرا، عبر كل بلديات الوطن، أيام تكوينية لمنتخبي المجالس البلدية، كيف ترون هذه التجربة وما الإضافة التي يمكن أن تقدمها للمنتخب المحلي؟
الأيام الدراسية ستكون أسبوعا كل شهر، كان لنا، منذ أيام، أسبوعا تكوينيا، شاركت فيه. كان اللقاء مع وزارة الصحة. الحقيقة استفدنا منها كثيرا، واطّلعنا على أمور كنّا نجهلها، مثا تلوّث المياه والآبار، هذه الأمور تدخل في صميم مسؤولية رئيس البلدية. في السابق كنا نعتقد أنّها أمور لا تتعلّق بالمسؤولية المباشرة لرئيس البلدية، في حين أنها بالفعل من صميم مسؤوليّة رئيس البلدية. استفدنا من معلومات قيّمة حول مخطط «أورسيك ،» وتسيير المخاطر.
- بلديّة الأبيار مرّت، وأنتم على رأسها، بثاث سنوات عصيبة، جراء وباء كورونا (كوفيد 19 -) الأزمة انفرجت والحمد لله. بماذا خرجتم من هذه التجربة؟
في الحقيقة كانت فترة جائحة كورونا تجربة قاسية على بلدية الأبيار، مثلما كانت قاسية على كل بلديات الوطن، وعلى كل العالم. سنوات فقدت الأبيار عددا من أبنائها رحمهم الله. لا ننسى أن بلديّة الأبيار فقدت مديرة مستشفاها «كريمة سي محند » رحمها الله. ولكن – كما قال الأوّلون- «إن الأزمة تلد الهمّة »، وقد تعلمنا من هذه الجائحة الكثير. على رأسها التعامل مع الميدان. خال هذه الجائحة لم نكن ندخل مكاتبنا، كنا نتنقل في الشوارع والمستشفيات، وعملنا على توفير الاحتياجات اللوجيستية، وكلّ ما تعلق بالأزمة الوبائية خارج الاستشفاء، مثل توفير المواد المعقّمة والكمامات.أزمة صحية مثل وباء كورونا(كوفيد 19 – ) علّمتنا أهمّية الوقاية، قبل أن تتطور الأمور.
- كيف هي علاقتكم بالمؤسسات الأخرى، وعلى رأسها الولاية المنتدبة ؟
علاقتنا بالولاية المنتدبة وطيدة، لكنّها تدعّمت منذ أن أصبحت الولاية المنتدبة في الأبيار، أصبح مكتب الوالي المنتدب هنا، فازداد العمل معا بشكل لصيق، وأصبحت خرجاتنا للميدان معا أكثر تواترا. وهذا أمر جميل وهام، وأصبح ما نحتاجه يوفّر لنا بسرعة أكثر، بل وفي حينه.
- على ذكر الحاجيات، هل تغيّرت ميزانية البلدية هذه السنة ؟
نعم تغيرت، وتغيّرت كثيرا. وحتى نكون واضحين، الإشكال المطروح أمام البلدية هذه السنة هو تراجع الميزانية. في السنوات الماضية كانت ميزانية البلدية في حدود 80 مليار. هذه السنة تراجعت ب 20 مليار، وهذا ما أثّر كثيرا على المشاريع. تعلمون أن ميزانية البلدية تأتي من الرسوم على النّشاط المهني. وقد تراجعت هذه الجباية بسبب كورونا وتراجع النشاط المهني.
- أنتم على رأس بلدية الأبيار لعهدة ثانية. ما هي التحديات الجديدة التي ترون أنها تنتظركم؟ ما هي المشاريع التي تنوون إنجازها؟
لدينا عدة مشاريع كانت قد انطلقت في السابق، مثل القاعة متعددة الرياضات الموجودة على مستوى الحوار رئيس بلدية الأبيار الملعب، والمسبح البلدي، وهما مشروعان كبيران ويهمان المواطن بشكل مباشر. نحن متفائلون بأن تكون هناك آفاق طيبة خال هذه العهدة، خاصة وأننا نرى أن هناك انفتاحا ملموسا من الإدارة أمام رؤساء البلديات. بالفعل شعرنا بهذا الانفتاح وبأن الأمور تغيّرت ولم تعد كما في السابق، خاصة من حيث الاتصال. هناك أيضا إحساس لدى رؤساء البلدية بأن هناك حرية حركة أكثر، وهذا يساعد على العمل والتطور.
- في السياق، سمعنا أن لكما مشروعا لإنشاء مؤسستين عموميتين ذات طابق اقتصادي وتجاري، واحدة في المجال الثقافي، والأخرى في المجال الرياضي؟
قمنا بمداولة في هذا الشأن، هي الآن على مستوى الدائرة، ونحن ننتظر التأشيرة. نحن، في البلدية، نرى أن هاتين المؤسستين يجب أن يبعثا، لأن لدينا بنى تحتية أنجزناها، ولا يجب أن تضيع منا، ونحن بالإمكانيات القليلة التي لدينا لا يمكننا تسييرها، في المقابل لا يمكن أن نتخلى عنها أو نؤجرها. فهذه المشاريع أنجزت من أجل المواطن، خاصة المركز الثقافي الذي هيأناه بشكل رائع، وكذلك القاعة متعددة الرياضات والملعب الذي كلفنا إنجازه 22 مليار، ويجب أن نحافظ عليه، ولكن بإمكانياتنا البشرية الضعيفة لا يمكننا أن نسيره.
- على ذكر التوظيف. سمعنا أن البلدية مازالت تعاني من نقص في الموظفين في عديد من المصالح. هل هناك أفق لانفراج الوضع؟
عندنا إشكال كبير. التوظيف متوقف. لدينا أناس خرجوا إلى التقاعد ولم نستطع تعويضهم. الإشكال الكبير أن لدينا موظفين من ولايات أخرى، وقد تنقلوا للعمل في ولاياتهم، في حين أن القانون يمنع أن توظّف مكان موظف آخر إذا كان الأمر يتعلق بانتقال.
- مؤخرا أشرفتم على توزيع حصّة من السكن الاجتماعي. وكالعادة كان هناك بعض الاحتجاج من بعض الناس…ما تعليقكم على هذا ؟
مشكل السكن في الأبيار مثله في كل بلدية في الباد. كنّا وزعنا، كما ذكرت، 100 سكن، من بين 2400 ملف. والفرق كبير كما هو واضح بين الطلب وما هو متوفّر. وأمر طبيعي أن يفرح البعض ويتذمّر ويحتج البعض الآخر مم لم يكن لديه الحظ. ولكن الأكيد أن الذين كان لهم الحظ كلّهم أصحاب حاجة ماسة للسكن. لقد كتبنا إلى والي الجزائر أن يضيف لنا بعض الحصص الإضافية. فمن بين 2400 ملف التي قدمت هناك 600 حالة صعبة جدا ولا يمكنها الانتظار. قد يرى البعض أن التركيبة الاجتماعية لبلدية الأبيار ميسورة الحال ولا تعرف أزمة السكن بالحدّة التي تعرفها البلديات الأخرى، ولكن هذا ظاهريا فقط.
- شهدت الأبيار في الأسابيع القليلة الماضية حدثين استقطبا اهتمام الرأي العام. الأول احتضانها لأول ثانوية فنية في تاريخ الجزائر المستقلة. والثانية تدشين جدارية تخلد اسم الرئيس الأمريكي الأسبق «جي. أف. كينيدي ». ماذا يعني هذان الحدثان لبلدية الأبيار؟
أكيد أن الحدثين يزيدان من استقطاب بلدية الأبيار للأنظار، كما كانت دائما تفعل على مرّ تاريخها. أحداث مثل هذه تجعل من الأبيار ليس فقط مركز ولاية الجزائر العاصمة بل البلدية المركز للجزائر ككل بالنسبة إلى الخارج. هذه أمور تشرّف بلدية الأبيار ولكن في الوقت نفسه تزيد من مسؤولية مجلسها البلدي في العمل على أن تكون البلدية واجهة الباد للخارج
حاوره : م. ب