تكاد تكون ساحة «كينيدي » ساحة كارنو خلال الاحتلال الفرنسي هي الساحة الوحيدة في هذه البلدية، منذ نشأتها، في هذا الفحص الدزيري، ولذلك شكلت دوما مركزا للبلدية وكانت مقرا لها. وأنت تقف في هذه الساحة، معطيا ظهرك لشارع «الشهيد أحمد بوقرة » نهج غاليني سابقا، وعلى يمينك ويسارك صفان من النخيل، لا يمكن لعينك أن تخطئ بناية تفرض حضورها، واجهتها على الطراز الأندلسي-المغاربي الجديد
مهدي براشد
البلدية دشنت في يوم سبت 12 ماي 1923 ، لكن تصميمها على يد المهندس هنري لويس بول بوتي 1856 1926 كان سنة 1900 ، وكانت أول تصميم له في هذا الطراز المعماري الجديد بالجزائر العاصمة، لتكون فاتحة لبنايات جديدة أخرى
- بناية لاديباش ألجيريان 1904-1906( التي أصبحت مقرا لجريدة الجزائر الجمهورية بشارع خميستي )نهج لافيريير أيام الاحتال( بالقرب من البريد المركزي، ثم «مكتبة الحزب » والآن هي المقر الولائي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي
- بناية لاديباش ألجيريان 1904-1906( التي أصبحت مقرا لجريدة الجزائر الجمهورية بشارع خميستي )نهج لافيريير أيام الاحتال( بالقرب من البريد المركزي، ثم «مكتبة الحزب » والآن هي المقر الولائي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي
- مدرسة الثعالبية بالقرب من زاوية «سيدي عبد الرحمن الثعالبي بحي القصبة سنة 1905
- مدرسة تلمسان سنة 1907
- بناية معهد باستور بالحامة سنة 1910
- أروقة فرنسا سنة 1914 بشارع «إيزلي » سابقا التي تحولت فيما بعد إلى أروقة الجزائر بشارع العربي بن مهيدي، وأصبحت الآن «متحف الماما » متحف الفنون العصرية
وتشكل بناية مقر بلدية الأبيار، منعطفا في المعمار الذي ستعرفه الجزائر في الحقبة الاستعمارية، ونقطة تحوّل من الطراز المعماري الأندلسي- المغاربي إلى الطراز الأندلسي- المغاربي الجديد أو ما يعرف ب الموريسكي الجديد
فالبنايات التي كانت في فحص الجزائر، وفحص الأبيار بالتحديد التي كانت منطقة محببة للإقامة لدى القناصلة والأثرياء الأجانب، كانت مصدر إعجاب لتناسقها مع محيطها الطبيعي، خاصة الإنجليز منهم الذين ازداد توافدهم على المنطقة خال الاحتال الفرنسي، غير أنها كانت تحتاج إلى بعض التعديات التي أقاموها، في الداخل لتتناسب وحياتهم
لذلك ومما قاله رئيس البلدية م. لوتشياني خال تدشين مقر البلدية، موجها كلامه إلى الحاكم العام: «إذا نحن اعتنينا بالطراز وأعطيناه هذا الطابع الخاص، فذلك من أجل أن يتأقلم مع المحيط، وجعله في تناسق مع الفيات الموجودة في منطقتنا
وحين انتشرت الفيات الجديدة استمرت على المنوال نفسه واستوحت العمارة الأندلسية- المغاربية ذاتها بفحص الأبيار. بل حتى دور العبادة دخلتها نفحات المعمار الأندلسي-المغاربي، بفعل تأثير الاستشراق، مثلما هي الحال في كنيسة الأبيار التي فرغ من تشييدها في 1861 . وهنا يكون الحديث عن تشييد جديد، أي من الصفر وليس إعادة تشكيل كما هي الحال في مسجد كتشاوة الذي حوله الاحتال الفرنسي إلى كنيسة سان فيليب
ومما يعنيه هذا أن بناية مقر بلدية الأبيار، وإن كانت قد دشنت بعد أن ازدهر هذا الطراز المعماري الجديد، فإنها تشكل نقطة الانعطاف من الطراز الأندلسي-المغاربي إلى الطراز الأندلسي المغاربي الجديد الذي فرضه الحاكم العام شارل سليستان جونار في قرار سنة 1903 ، على كل المباني الحكومية، ضمن سياسة استعمارية جديدة لمحاولة يائسة في تقريب الجزائري من إدارة الاحتال، وعززه فيما بعد إنشاء «لجنة مدينة الجزائر القديمة » سنة 1905 بفكرة من المعلم المتقاعد هنري كلين الذي قال إنه «بمضاعفة النماذج الموريسكية سنعيد لهذا البلد جزءا من أصالته التي فقدها بسبب خطئنا، ونعيده أكثر إثارة في عيون السواح المتعبين من العصرنة
وبالفعل، حين تصعد الدرجات الإحدى عشر المؤدية إلى مدخل البناية الكبير على شكل حدوة الفرس سيقابلك ما يشبه السقيفة التي تفضي بك إلى بوابة تدخلك إلى صحن البناية «وسط الدار » المحاط بأعمدة رخامية ترتفع إلى طابق علوي محاط بدرابزين من الخشب المنقوش بعناية، وترتفع فوق وسط الدار هذا قبة متوسطة الحجم. إن وسط الدار هذا لا يكاد يختلف عن وسط الدار الذي في قصر الجنينة بالقصبة السفلى. و تقول مصادر إن وسط الدار هذا كانت بها لوحة عبارة عن جدارية كبيرة رمزية رسمها الفنان جورج أنتوان روشيغروش وقد بقيت هذه الجدارية، بحسب بعض الشهادات، إلى غاية التسعينات ثم اختفت. بعد الاستقلال، كان طبيعيا أن تستمر هذه البناية في احتضانها مقر البلدية، فعرفت عدة عمليات تهيئة، كان آخرها، ولعلّ أهمها، تلك التي انتهت ودشنت في 5 جويلية 2019 ، بعد 18 شهرا من الأشغال