من داخل المكتبة البلدية “المجاهد حسين آيت أحمد”
اليوم، ها هي المكتبة قبلة للتلاميذ والطلبة وحتى بعض الأساتذة، يأتون إليها في أوقات الفراغ للمطالعة والمدارسة وتبادل أطراف الحديث، وجدناها جاثمة رحبة تنتظرمن يقبل عليها يتزود بالتاريخ وبالعلم والمعرفة، لكنها رفوف تعاني نقص الكتب في تخصصات وميادين مختلفة. الداخل إلى هذه المكتبة، تتثاقل قدماه وتقل حركاته بفعل الهدوء القوي الذي يملأ أرجاءها عبر كامل طوابقها، وما إن يعتد على ذاك السكون غير المعتاد، حتى يغمره شعور غريب بفعل البرودة والرطوبة اللتين تملآن المكان، ثم سرعان ما يعتاد على ذلك أيضا، أو يتناساه بمجرد أن تسارع إليه الآنسة القائمة على شؤون المكتبة تبادره بالسؤال عن سبب قدومه وبما يمكنها أن تخدمه في مجال الكتب الموزعة عبر رفوف منتظمة بحسب الميادين العلمية و الأدبية والتخصصات الأخرى.
استقبلتنا للمرة الثانية، الآنسة «رميلة » ابنة المجاهد ابراهيم لرقم، صاحبة الشهادة والتخصص العلمي في مجال الكتب(تقني سامي في علم المكتبات)، وفي غياب المديرة الجديدة التي تم تكليفها بالإشراف على إدارة المكتبة، بدأت مرافقتنا تحدثنا عن بعض المشاكل التي لم تجد طريقها إلى الحل بعد، فرغم الإنجازات الكبيرة التي تمت خلال سنة خاصة تحت إدارة السيدة المديرة التي لم تبخل بأي جهد في سبيل تطوير وتحسين الخدمة للوافدين إلى المكتبة من تلاميذ وأطفال، إلا أن هذا الصرح الثقافي والعلمي ما زال يفتقر إلى الكتب وشبكة الإع الم الآلي.
لكن في الوقت ذاته، تدعمت المكتبة، بعدما منح رئيس البلدية السيد خالد كرجيج الموافقة، بجناح خاص بفرق الكشافة الإسلامية التابعة لبلدية الأبيار، حيث استفادوا من الفضاء المناسب لممارسة نشاطهم التوعوي والثقافي والعلمي، وبجوار القاعة المخصصة لهم، وافق السيد رئيس البلدية كذلك على فتح قاعة أخرى خصصت للأطفال المصابين بمرض التوحّد يقضون أوقاتا للمعالجة والمتابعة النفسية من طرف أطباء متخصصين، وهو ما استحسنه كثيرا أولياء هؤلاء الأطفال وأولياء أشبال الكشا فة .
بعدما طفنا بأروقة المكتبة ومكاتبها، والآنسة رميلة تشرح لنا كيفية عمل هذه المصلحة وتلك، مررنا بقاعة العمل الخاصة بطلبة الثانوي والمتوسط حيث كان بعضهم منغمسا في المطالعة، ثم نزلنا إلى القاعة المخصّصة للتلاميذ الصغار والأطفال قبل أن نمرّ بمصلحة التزويد التي تشكو نقصا كبيرا في الكتب ومصلحة الإعارة ومكتبة و ورشة الأطفال وانتهينا إلى مخزن الكتب الذي بالكاد ترى كتبا مصفوفة على رفوفه.
المهمة ليست سهلة، بل هي صعبة للغاية، خاصة في ظل نقص الكتب، لكن التحدي سيد المكان في هذا الفضاء العلمي، فالمكتبة دلالة تاريخية كبيرة، هنا تقبع جثث عشرات الشهداء من أبناء هذا الحي العتيق الذي تم تعذيبهم من طرف العسكر الفرنسيين بمركز التعذيب الواقع مكان المستشفى وألقي بهم داخل « بئر طرارية » .
بعض سكان الحي وباقي كبار السن من أحياء أخرى بالأبيار، يطلبون من مسؤولي بلدية الأبيار، تقديم الدعم الإضافي وإيجاد حلول سريعة لوضعية المكتبة خاصة فيما يتصل بمشكل الرصيد والتزود بالكتب والربط بالإع الم الآلي والانترنيت كما أن إقامة نصب تذكاري لهؤلاء الشهداء أبناء الأبيار، أصبح أكثر من ضروري، وعلى ذلك قد تمنح هذه المكتبة كل ما لديها من معارف علمية وأرصدة ثقافية وأدبية للتلاميذ أبناء الأبيار، أبناء الجزائر.
كاتب المقالة : محمد. ن