شرفة سان رافاييل نافذة خضراء على خليج الجزائر والأزرق الكبير
وأنت صاعد بنهج مليكة قايد نحو مفترق طرق الأبيار، وبعد أن تتجاوز إقامة السفير الفرنسي بالجزائر «الزبوجات بالمنطقة التي كانت تسمى في عهد الاحتال «سان رافاييل »، وقبل أن تصل إلى محطة الوقود، يتفرع عن النهج الطويل شارع صغير تسقفه الأشجارالمصطفة على ضفّته، هو شارع «علي لحاد ». هذا الشارع سينزل بك إلى مقر وزارة العدل. استمر في النزول حتى تواجهك بوابة كبيرة بلون أزرق فيروزي، لكنها مغلقة ولا أحد خلفها. أنت الآن أمام مدخل شرفة سان رفاييل مهدي. ب
للأسف هذا المنتزه الطبيعي الذي ينتهي سفحه من اليمين في شارع «الشهيد العقيد بوقرة »نهج غاليني سابقا وينتهي سفحه في شارع كريم بلقاسم تليملي سابقا مغلق أمام الزوار منذ سنوات طويلة، على الرغم من أنه يوفر لسكان الأبيار وسكان العاصمة منتزها طبيعيا خلابا ووجهة سياحية فريدة من نوعها خال الافتتاح الرسمي لهذا المعلم الطبيعي السياحي في 1828 قال رئيس بلدية الأبيار آنذاك «م. برونال» ، إن التسمية جاءت من الأسطورة الواردة في الكتاب المقدّس التي تروي كيف أن طوبيا فقد بصره في كبره، ثم يستعيده بفضل الماك رافائيل. وهكذا، حين نتأمل هذا المنظر العظيم، نشعر بكارثة الانحدار
رافاييل ومثلما يشير الاسم عبارة عن مرتفع يفتح لك نافذة طبيعية كبيرة تطل على خليج الجزائر ومينائها، تمتد بعينك، يمينا حتى كاب ماتيفو وبل ويمكنك إن توفر لك منظارا، أن تلمح المتيجة وبعضا من مدينة الأربعاء أما يسارا فتمتد عينك حتى لابوانت بيسكاد قبل الاحتال الفرنسي للجزائر، في1830 كان الموقع ملكية لقنصل كان الموقع ملكية لقنصل السويد
بقي هذا الموقع الطبيعي على حاله إلى غاية 1919 ، فاشترته شركة كلاريدج وكانت تطمح لبناء فندق غير أن مشروعها لم ير النور، بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى في 1923 سطر برنامج لتقسيم الأرضية إلى أوعية عقارية، وتقدّمَ عدة معنيين لشرائها، غير أن رئيس بلدية الأبيار آنذاك م. لوسياني وممثل بلدية الجزائر «باسكيي بروند » قدرا أن ذلك سيكون كارثة ستشوه هذا المنظر ببنايات على هوى الماك الجدد ومصالحهم الآنية وتدخلوا لدى المصفي والمهندس، لدراسة سبل الحفاظ عليه، مع التزام من بلدية الأبيار بإجراء الأشغال اللازمة لخط طرقات، وإقامة قنوات صرف المياه وتوصيل الماء والغاز والكهرباء وضمان الماك الجدد ألا يبنوا إلا فيات، مع منع أية مصانع أو تجارة تشوه المنظر
لدى الحكم التركي فقد اختار القناصلة والتجار فحص الأبيار عبارة عن هضبة يسارها شعبة عميقة ويمينها سفوح شديدة تنحدر نحو البحر، بها منازل عديدة مطلية بالجير، وحدائق كثيرة تعطي للطبيعة مظهرا خلابا، حيث تكثر الأشجار المثمرة كالبرتقال، ولهذا اختارها الأغنياء منتجعا لهم في فصل الصيف، وفضلتها الجالية الدبلوماسية مقرا لها كذلك، كقناصل السويد والدانمارك وهولندا وإسبانيا وفرنسا وأغلب ممثلي القنصليات من قناصل ونواب ومحافظين كانوا يقيمون في حي واحد يسمى حي القناصل وحين وصل الجنرال دي بورمون مشارف مدينة الجزائر القصبة نصب مدفعيته على مساحة تمتد من هذا المرتفع إلى غاية مكان تواجد إقامة السفير الفرنسي، من أجل ضرب آخر قلعة تحمي المدينة وهو برج الأمبراطور برج بوليلة بعدها ب 15 سنة وبالتحديد في 20 جانفي تسبب انزلاق1845 أرضي في تهدم إقامة قنصل السويد
وعلى مدى سبع سنوات من السعي للحفاظ على هذه المنطقة، أقنع رئيس نقابة المبادرة هيئة محلية لتنشيط السياحة ألفريد كولون النقابة بالتصويت على10 آلاف فرنك للمساهمة في شراء قطعة أرض تسمح بتوسيع شرفة سان رفاييل، وبدأ في أول أشغال تهيئة ساحة الشرفة، وإقامة جدار ساند لمنع الانزلاق بعدها، تمكن رئيس البلدية م. لوتشياني بفضل تدخل م. برونيل من شراء كل حديقة سان رافاييل، فسيّجت مؤقتا من أجل حماية أشجارها وعين لها حارس. ولكن رغم كل هذه المصاريف أفلست «النقابة » ولم يكن هناك شيء يرتجى من البلدية التي لا تعبأ بهذه الشرفة. غير أن كولون عدد المبادرات، ونشر عدة مقالات في عدة صحف
وجد «كولون » تفهما من برونال الذي أصبح رئيس بلدية الجزائر، ومساعده المكلف بالمنتزهات والحدائق بمدينة الجزائر «هنري لوجوندر »، وبفضل القروض التي وافق عليها المجلس البلدي لمدينة الجزائر، أخذ لوجوندر الأمور بيده، وأنجز، في بضع أسابيع، هذه التحفة. بمناسبة مئوية احتال الجزائر أطلق كولون باسم نقابة المبادرة حملة دعاية سياحية، في عدة صحف فرنسية وأجنبية
منها : «ليكو دالجي ،» «يومية باريس ،» «باد مونبيليارد ،» «فينلندا الليبرالية لو كوريي الولايات المتحدة الأمريكية ،» «صحافة مونت ايرل « ،» أ. ز هولاندا ». كما نشر مقالات في عدة منشورات مثل «الدليل العام للتعليم الابتدائي « ،» جريدة المعلم « ،» نشرية العلوم الاقتصادية والاجتماعية ،» ونشر عدة صور حول الأبيار، وغلافات كراريس فنية على صفحتها الأخيرة صور لمناظر خليج الجزائر مأخوذة من شرفة سان رافييل
وإذا كانت شرفة رافاييل قد شكلت لوقت طويل منتزها ومنتجعا لسكان الأبيار والجزائر العاصمة، خال فترة الاحتال وحتى بعدها، قبل أن تغلق، فقد شكلت مصدر إلهام للعديد من الفنانين التشكيليين والمصورين