الشهيد علي معاشي (1927 – 1958)
وعند تأديته الخدمة العسكرية في الثامنة عشر كماح ببنزرت التونسية، كان له الحظّ في زيارة عدّة عواصم عربية، و قد كانت لهذه الاكتشافات الأثر الإيجابي على مسيرته الفنية، حيث احتك بمجموعة من الوجوه الفنية التي عمّم من خلالها معارفه الموسيقية والتي استثمرها عند عودته إلى مدينة تيارت بتأسيس الفرقة الموسيقية « سفير الطرب » وطاف بها في عدّة مناطق من تيارت مسقط رأسه تطور فنه سريعا وأوجد لنفسه بصمة خاصّة من خال دمج النغمة الوهرانية الأصيلة التي وافقت صوته الجميل.
وتغنى بقصائد متنوعة بين الغزلية والثورية، فتغنّى بالمرأة الجزائرية وبالجزائر ومناطقها. وخال كلّ مسيرته الفنية أنجز على معاشي سجلاّ غنيا تضمّن العديد من الأغاني منها: زيارة سيدي خالد، يا شباب الهال، زاهيين ولاباس، الولف صعيب، يا بابور (وهي أول ما ألّف من أغانيه)، طريق وهران، تحت سماء الجزائر، وصاية القمري، مازال عليك نخمّم، هذا اليوم في العشية، وغيرها والتي ضمّنها قيم التضحية والتمسك بالحرية والوطن.
كلّ تحياتي وأشواقي لناس الأبيار، لناس بولوغين ولناس …كلّ الجزائر
تنبه الإدارة الإستعمارية الفرنسية لتأثير أغاني على معاشي، فاختطفته في 8 جوان 1958 مع إثنين من رفقائه «محمّد جهان » و «جيلالي بن سترة ». واقتيدوا إلى «ساحة كارنو » (ساحة الشهداء حاليا) بمدينة تيارت حيث تمّ قتلهم والتنكيل بجثثهم. وتمّ جمع التيارتيين لمشاهدة مصير الثلاثة المشنوقين في الساحة. فقيد الفن والوطن «علي معاشي » الذي استشهد بسبب مقاومته و فنّه الثوري و من أجل رائعته «أنغام الجزائر » المعروفة بمطلعها «يا ناس أما هو حبي الأكبر… » التي جمع فيها مختلف الطبوع الجزائرية في 15 دقيقة، والتي تغنى فيها بكامل مناطق الجزائر من الشمال إلى الجنوب، اغتالته يد الهمجية الاستعمارية الفرنسية رفقة محمّد و جيلالي فعدّوا من الشهداء. استشهد علي معاشي وعمره يناهز 31 سنة ليبقى إلى الأبد شهيد الفنّ والوطن ونبراسا لكل العائلة الفنية في بلادنا.
كاتب المقالة : م.ب